أحدث الأخبار مع #العلاقات الخارجية


الرياض
منذ 2 أيام
- سياسة
- الرياض
لماذا السعودية تدعم سوريا..؟
الحكومة السورية عكست توجهات برغماتية مطمئنة فيما يخص مسارها السياسي المستقبلي ولديها الرغبة والعمل مع السعودية بجانب رغبتها فتح قنوات اتصال مع العالم العربي بأكمله، وهذا ليس أمراً مقلقاً لأحد، فالحضن العربي هو المنطقة المطلوب من سوريا التواجد بها، وخاصة أن سوريا من الدول التي تمتلك الفرصة لكي تعيد توازنها السياسي والاقتصادي.. من الطبيعي أن يتبادر إلى الأذهان مثل هذا السؤال الحيوي، فما تفعله السعودية من أجل سوريا هو حدث استثنائي بالنسبة للمنطقة، فالسعودية لديها مهمة استراتيجية تتمثل في تأهيل سوريا وإعادتها الى المجتمع الدولي من خلال مسار جديد يحمل توجهات وعلاقات خارجية متوازنة مع المنطقة والعالم، فما مرت به سوريا خلال العقود الماضية كان تعبيراً عن حالة تبعث القلق بالنسبة لجيران سوريا ومحيطها العربي، لقد تم استخدام سوريا عبر العقود الماضية بشكل سلبي حيث تحولت الى دولة منزوعة القدرة فيما يخص شعبها وتوجهاتها، وقد حملت تلك المبررات ضرورة ملحة لدعم هذه الدولة التي تعود من غيبوبتها السياسية لتجد الموقف السعودي مستعد لرعايتها وإعادة تأهيلها كدولة فاعلة ذات واقعية سياسية. الواقع السياسي والجيوسياسي والأيديولجي في سوريا وحولها معقد إلى درجة كبيرة ويستحيل الانطلاق في إصلاح سوريا من خلال تسوية هذا الواقع أو البحث عن حلول لتفكيك تلك الشبكة المعقدة من التداخلات السياسية والأيديولوجية والجيوسياسة، ولذلك كان لابد من اختيار منطلق مختلف ولهذا جاءت مبادرة السعودية لدعم سوريا الجديدة مرتكزة على أهداف وركائز واضحة وبشكل مستقل وبعيد عن تلك التداخلات والتعقيدات، ومن هنا رسمت السعودية أهدافها الواضحة من أجل سوريا جديدة قادرة على إدارة واقعها بعيداً عن استخدام أي وسائل سياسية يتم بناؤها خارج الوطن السوري. السعودية خلال العقد الماضي رسخت سياستها الخارجية وفق مفهوم يدفع ويؤدي الى تحقيق الاستقرار في المنطقة عبر منظومة من الدول المتجاورة وفق أسس تجلب الأمن والاستقرار انطلاقاً من توجهات السعودية الاستراتيجية والاقتصادية، فالسعودية تدرك أن الشرط الرئيس للانتعاش الاقتصادي وجلب العالم إلى المنطقة وربط قاراته اقتصادياً في منطقة واحدة يتطلب وجود دول مستقرة قادرة على أن تتصرف بذكاء واستقلال، مستثمرة الفرص المتاحة بطرق مشروعة من خلال منظومة علاقات إقليمية راسخة. السعودية التي تقدم الدعم لسوريا بشكل كبير وملفت للنظر على المستويين الدولي والإقليمي تدرك أن المنطقة بحاجة إلى إعادة تأهيل من خلال بناء دول غير خاضعة لمشروعات أيديولوجية أو جيوسياسية، لأن أي مفهوم سياسي يقوم على قواعد أيديولوجية أو استغلال جيوسياسي لن يؤدي إلى بناء دول مستقلة قادرة أن تتحدث لغة تطورية مع العالم، والتجربة التي عاشها العالم العربي وخاصة في الدول التي تقع شمال الجزيرة العربية تبث أهمية وضرورة البدء في تغيير قواعد اللعبة السياسية في المنطقة وفق منهج مختلف يبني أهدافاً واتجاهات مختلفة وجديدة. السعودية تدرك أن المهمة في سوريا ليست سهلة ولكنها ممكنة، فالسعودية التي تقدم الدعم السياسي والاقتصادي قادرة على لعب دور مركزي في سوريا بهدف إعادتها لواقعها التاريخي كدولة عربية ذات شخصية مستقلة، فالفرصة اليوم متاحة لإخراج سوريا من واقع مرير مرت به بعد زمن كانت فيه سوريا قضية معقدة وصعبة فقد أجبرت الواقع العربية بأكمله ولسنوات تجنب التورط في سوريا وقضاياها المعقدة والصعبة. السعودية تدرك الوضع الجيوسياسي في سوريا والتعقيدات على الأرض، ولكن ذلك لم يسهم في ترددها عن المشاركة في تعزيز بنية الدولة السورية الجديدة وتقديم الدعم لها، لذلك فإن قرار الانخراط السعودي في سوريا أصبح قراراً استراتيجياً تم تفضيله على كل القرارات الأخرى، فالانخراط السعودي في سوريا مدعوم باستخدام السعودية لقدراتها السياسية ومكانتها الإقليمية وقدرتها التنافسية لتمكين هذا البلد العائد من غيبوبة السياسية لكي يتمكن من العيش بسلام، فقد حان الوقت أن تبتعد سوريا عن أي وظيفة لا تليق بها كدولة مستقلة سواء في مسار الإرهاب أو المخدرات أو حتى أداء أدوار نيابة عن آخرين. في الحقيقة فإن الحكومة السورية عكست توجهات برغماتية مطمئنة فيما يخص مسارها السياسي المستقبلي ولديها الرغبة والعمل مع السعودية بجانب رغبتها فتح قنوات اتصال مع العالم العربي بأكمله، وهذا ليس أمراً مقلقاً لأحد، فالحضن العربي هو المنطقة المطلوب من سوريا التواجد بها، وخاصة أن سوريا من الدول التي تمتلك الفرصة لكي تعيد توازنها السياسي والاقتصادي فهي تمتلك المقومات المؤهلة لتحقيق أهدافها، السعودية تدعم سوريا من منطلقات ونوايا صادقة من أجل سوريا العربية التي كانت ولازالت ركيزة في الميزان العربي، واستقرارها مطلب استراتيجي عميق تدركه السعودية.


الميادين
١٩-٠٧-٢٠٢٥
- سياسة
- الميادين
بكين ترفض تقرير مجلس الشيوخ الأميركي لتضخيمه رواية التهديد الصيني
أعربت وزارة الخارجية الصينية، عن معارضتها لتقرير أعدّه الديمقراطيون في الولايات المتحدة، متهمةً إياه بتضخيم رواية "التهديد الصيني"، مؤكدةً أنّ بكين "لا تنوي ولن تتنافس مع أي دولة أخرى على النفوذ"، وفق موقع "تشاينا ديلي" الصيني. وجاء في التقرير، الذي أصدره أعضاء ديمقراطيون في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، أنّ "الصين تمثّل تحدياً استراتيجياً فريداً من نوعه في تاريخ الولايات المتحدة"، متهماً بكين بـ"السعي لإزاحة واشنطن عن قيادة العالم". اليوم 11:39 18 تموز وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية، لين جيان، إنّ هذا التقرير يعكس "عقلية الحرب الباردة"، ويعزّز "مفهوم المنافسة العدائية بين القوى الكبرى"، مضيفًا: "نحن لا نمارس سياسة المواجهة، ولسنا في موقع التحدي أو الإزاحة". وخلال المؤتمر الصحافي اليومي، شدّد لين جيان على أنّ "الصين تتبع سياسة خارجية سلمية ومستقلة، وتشكّل قوّة استقرار في العالم". كما دعا المسؤولين الأميركيين إلى "التخلي عن منطق الهيمنة، والنظر إلى الصين بموضوعية"، قائلاً إنّ عليهم "التوقف عن مهاجمتها وتشويه صورتها". وفي وقت سابق، أصدرت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، تقريراً يكشف أنّ الصين "لا تزال تشكّل أكبر تهديد للولايات المتحدة، عسكرياً وإلكترونياً"، وفقاً لما ذكرت وكالة "رويترز".


الشرق الأوسط
١٨-٠٧-٢٠٢٥
- سياسة
- الشرق الأوسط
ماذا ينتظر مجموعة «البريكس» في حقبة دونالد ترمب؟
بينما تطرح علامات على مستقبل التجاذبات داخل مجموعة «البريكس»، ينشط رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي على صعيد العلاقات الخارجية، فخلال أقل من شهر، زار أكثر من ثماني دول مهمة، وحضر قمتين عالميتين بارزتين، هما قمة «مجموعة السبع»، وقمة «البريكس» التي تضم كلاً من الصين، والهند، وروسيا، والبرازيل وجنوب أفريقيا. ومن جهة ثانية، دار لغط كبير حول تغيب كل من الرئيسين الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين عن قمة «البريكس»، التي استضافتها البرازيل. فلاديمير بوتين (رويترز) اختتم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي حديثاً أطول جولة خارجية له على الإطلاق، شملت خمس دول في غضون ثمانية أيام، في نطاق فتح آفاق جديدة، وإنعاش شراكات قديمة، وتشكيل تحالفات قوية. إذ إنه في وقت سابق من يونيو (حزيران)، وفي طريقه لحضور قمة «مجموعة السبع» في كندا، زار قبرص ثم كرواتيا. وأخيراً، زار كلاً من غانا، وترينيداد وتوباغو، والأرجنتين، والبرازيل وناميبيا. يرى محللون هنود أن زيارات مودي «صُممت» بشكل استراتيجي، ليس فقط لتعزيز العلاقات الثنائية، بل وكذلك لتعزيز دور نيودلهي على صعيد الحوكمة العالمية، لا سيما في ظل توتر علاقات الهند مع الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين إثر «عملية سِندور» (التصعيد العسكري مع باكستان المجاورة في مايو/أيار). إذ قال المحلل السياسي سانجاي ديكسيت: «الهند شعرت بالعزلة بعد الصفعة الخلفية التي تلقتها من واشنطن وحلفاء مجموعة (الكواد)، أو ما يعرف باسم (الحوار الأمني الرباعي) والدول الغربية الأخرى، وذلك عقب مقتل 26 سائحاً هندياً بدوافع دينية في منطقة باهالغام بكشمير الهندية، والرد الهندي الذي استهدف معسكرات إرهابية عبر الحدود في باكستان؛ ما أدى إلى تصعيد عسكري بين البلدين». وعلى صعيد متصل، لاحظ متابعون أن رئيس الوزراء الهندي أحدث «هزة جيوسياسية كبيرة» عندما «تجرّأ» على رفض دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترمب - عبر حوار هاتفي - لعقد لقاء ثنائي توقفه في طريق عودته من قمة «مجموعة السبع» في كندا. وبدلاً من الاجتماع بترمب، توجّه مودي إلى كرواتيا. وبالمناسبة، كانت تلك المرة الأولى التي يتكلم فيها مودي وترمب بعد أربعة أيام من «عملية سندور». أيضاً، كان من المقرّر أن يلتقي الزعيمان على هامش قمة «مجموعة السبع»، لكن اللقاء لم يعقد بعدما قرّر ترمب اختصار زيارته، بسبب تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران. في الواقع، بدأت ملامح تصدّع في العلاقات الهندية - الأميركية تظهر، إثر تصريح لترمب ادعى فيه لنفسه الفضل في وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان، إبان التصعيد العسكري الأخير. إذ قال إنه استخدم «التجارة» للوصول إلى تفاهم بين الطرفين، وأثار هذا الكلام قلقاً بالغاً داخل دوائر نيودلهي، حول وضع العلاقات الثنائية. وأيضاً، تعرّضت نيودلهي لخيبة أمل ثقيلة، عندما استضاف ترمب الجنرال عاصم منير، رئيس أركان الجيش الباكستاني، على غداء في البيت الأبيض. ومع أن اللقاء لم يُسفر عن نتائج جوهرية، فإنه في ظاهره أثار استياءً هندياً كبيراً. ودفع عدداً من المحللين والمعلقين السياسيين الهنود إلى القول إن تصريحات ترمب وأفعاله تُؤشر إلى «العودة إلى سياسة الربط الأميركية المقيتة». والقصد هنا ربط الهند وباكستان في تعاملاتها مع «الجارتين» المتناحرتين. وحقاً كانت هذه السياسة قد هيمنت على توجهات واشنطن إزاء شبه القارة الهندية خلال معظم فترة «الحرب الباردة». في هذا السياق، أوضح المفكر والكاتب الصحافي الهندي كامليش سينغ، أنه «لطالما جرى تسويق العلاقات الهندية ـ الأميركية داخل الهند باعتبارها صداقة جيوسياسية، وتحالفاً عظيماً بين نظامين ديمقراطيين، وحصناً منيعاً بمواجهة الصين الاستبدادية، وتحالفاً تجارياً محتملاً. بعد ذلك، جاء دونالد ترمب، الذي يتّسم بتقلباته الشديدة. والآن، جاء الدور على الهند». سينغ قال إن تصريحات ترمب «غير المدروسة» أزعجت نيودلهي، وأثارت حفيظة دبلوماسييها، بجانب أنها أعاقت جهود إبرام اتفاقية التجارة الهندية - الأميركية المأمولة. وشرح الكاتب الهندي أن ترمب «استغل التجارة وسيلةَ ضغط، فصوّر الهند على أنها خصم ضعيف؛ ما قوض صورة مودي كمفاوض صلب. واليوم، يخشى المسؤولون الهنود المتخوّفون من سياسات ترمب الحمائية، أن يطلب تنازلات من نيودلهي كي يتفاخر ببراعته في إبرام الصفقات». واستطرد: «واضح أن ترمب أضفى عنصراً من انعدام الثقة على الشراكة الهندية - الأميركية، في حين أنه إذا أرادت واشنطن أن تكون الهند قوةً موازنةً موثوقةً للصين، كان عليها التخلي عن التمثيل، وإظهار الاحترام لحليفتها الهند. وجنباً إلى جنب، على نيودلهي تأكيد استقلاليتها، مع الضغط على واشنطن». عودةً إلى مكالمة ترمب - مودي الهاتفية، فإنها استغرقت نحو 35 دقيقة. وفيها أبلغ مودي ترمب أن الهند وباكستان أوقفتا عملياتهما العسكرية (الشهر الماضي) عقب مباحثات مباشرة بين جيشيهما من دون أي وساطة من الولايات المتحدة، منتقداً رواية الرئيس الأميركي بأنه توسط في وقف إطلاق النار. وأكد مودي، من ثم، بحزم أن الهند لا تقبل ولن تقبل أبداً الوساطة، وأن المناقشات بين الجيشين الهندي والباكستاني بشأن وقف العمليات العسكرية، بدأت بناءً على طلب إسلام آباد، في خطوة دبلوماسية كبيرة، تولى أمين الخارجية الهندي، فيكرام ميسري، إطلاع وسائل الإعلام عليها من كندا عندما تلقى مودي المكالمة في أثناء حضوره اجتماع «مجموعة السبع». أما عن رفض الزعيم الهندي دعوة الرئيس الأميركي، فقال المحلل الهندي سوشانت سارين، إنه «لو قبل مودي عرض ترمب، لكان الجدول الزمني قد دفعه إلى الوجود في واشنطن؛ ما جعل تناول الإفطار أو الاجتماع المبكر مع ترمب سيناريو محتملاً... ليتبعه بعد ساعات قليلة غداء قائد الجيش الباكستاني في البيت الأبيض». وأردف سارين: «مثل هذه الصورة (مع لقاء ترمب بكل من رئيس الوزراء الهندي وقائد الجيش الباكستاني في اليوم ذاته) كانت ستكون غير مستساغة دبلوماسياً لدى نيودلهي». ومعروف أنه لطالما سعت الهند إلى فصل نفسها عن باكستان على صعيد الدبلوماسية الدولية. علاوة على ذلك، لدى نيودلهي «أسباب استراتيجية» تدعوها إلى تأجيل أي تواصل جديد مع الرئيس الأميركي راهناً. إذ سبق لمودي أن زار واشنطن في وقت سابق من هذا العام؛ لتهنئة ترمب على عودته إلى سدة الرئاسة. ومع قرب انعقاد القمة المقبلة لتحالف «الكواد» - والتي قد تكون على الأراضي الهندية - تفضل نيودلهي أن يُعقد اللقاء المقبل الرفيع المستوى بين الزعيمين على أرضها؛ تأكيداً على مكانتها كشريك محوري في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. من جهتها، قرّرت واشنطن تمديد تعليق رسومها الجمركية المتبادلة مع الهند حتى مطلع أغسطس (آب)، في خطوة فسّرها المراقبون بأنها إشارة على جهوزية واشنطن للحوار. وما يلفت أن الهند لم تُدرج ضمن قائمة الدول التي تلقت إشعارات رسمية بفرض رسوم جمركية جديدة عليها من إدارة ترمب، هذا الأسبوع. في أي حال، تسعى الهند والولايات المتحدة للوصول إلى اتفاق تجاري ثنائي شامل، على أن يجري إنجاز المرحلة الأولى منه بحلول الخريف (سبتمبر/أيلول - أكتوبر/تشرين الأول). وقبيل ذلك، يعمل الطرفان على إبرام اتفاق مرحلي مؤقت لتسوية بعض النقاط العالقة. وقال مصدر ضمن فريق التفاوض: «الهند أقرَّت خطوطها الحمراء... والكرة الآن في ملعب الولايات المتحدة». في حين شدد بيوش غويال، وزير التجارة والصناعة الهندي، على أن «الهند متمسكة بموقفها تجاه الإعفاءات الجمركية للمنتجات الزراعية ومنتجات الألبان الأميركية، بالنظر إلى حساسيتها داخل السوق الهندية». وهنا تجدر الإشارة إلى أن واشنطن تُعدّ أكبر شريك تجاري للهند منذ عام 2021 - 2022، وبلغ حجم التجارة في السلع بين البلدين عام 2024 - 2025 نحو 131.84 مليار دولار. لدى الهند «أسباب استراتيجية» تدعوها لتأجيل تواصلها مع ترمب على صعيد آخر، كما هو معروف، عُقدت أخيراً قمة «البريكس» السابعة عشرة، في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، بمشاركة قادة الدول الناشئة الكبرى، لكن بغياب زعيمين قويين فيها، هما الرئيس الصيني شي جينبينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. سبب تغيب الرئيس الروسي بوتين الذي اكتفى بالانضمام عبر رابط فيديو، معروف. فهو يواجه مذكرة توقيف صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، والبرازيل دولة موقّعة على النظام الأساسي للمحكمة. شي جينبينغ (آ ف ب/غيتي) أما بما يخصّ شي (72 سنة)، الذي استخدم «البريكس» لإعادة تشكيل توازن القوى دولياً، فتعدّ هذه المرة الأولى التي يغيب فيها عن قمة للمجموعة منذ توليه السلطة عام 2012. ولقد تمثلت بكين برئيس الوزراء لي تشيانغ، من دون تقديم أي تبرير رسمي سوى «تعارض المواعيد». غياب شي جاء في وقت حرج، مع مناقشة «البريكس» (التي يختصر اسمها الحروف الأولى من أسماء الأعضاء الأوائل: البرازيل، وروسيا، والهند، والصين وجنوب إفريقيا)، سبل تعزيز التعاون في خضم ما تصفه الدول الأعضاء بمخاوف جدية بشأن الهيمنة الغربية. والجدير بالذكر، أن الصين، تعتبر الركيزة الاقتصادية للمجموعة؛ إذ وتُمثل نحو 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي لدولها، كما تُعدّ أكبر شريك تجاري لمعظم الدول الأعضاء. الصين لم تُوضح علناً سبب غياب رئيسها عن قمة «البريكس». لكن تقريراً نشرته صحيفة «ساوث تشاينا مورنينغ بوست»، نقلاً عن مصادر دبلوماسية، تكلم عن «تضارب في المواعيد»، إضافة إلى حقيقة أن شي والرئيس البرازيلي لويس إيناسيو «لولا» دا سيلفا كانا قد التقيا مرتين خلال العام الماضي. إذ أجرى الزعيمان مباحثات في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 خلال قمة «مجموعة العشرين» في البرازيل، ومرة أخرى في مايو (أيار) من هذا العام، إبان زيارة «لولا» الرسمية لبكين. ذكرت بعض التقارير الإعلامية البرازيلية أن الدعوة الخاصة الموجهة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ربما تكون قد دفعت الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى التغيب عن حضور القمة. ولقد لاحظ مراقبون أن لـ«ديناميكية» مودي – «لولا» دوراً حاسماً في قمة «البريكس»، ناهيك من تكريم البرازيل مودي بأعلى وسام في البلاد، وأعرب «لولا» عن تضامنه مع الهند بشأن مخاوف الأمن الوطني. وبالفعل، يرى مراقبون أن العلاقات الدفاعية الثنائية تبدو واعدة، وستكون محوراً رئيساً للمناقشات بين الزعيمين. ولقد أبدت البرازيل اهتماماً بالغاً بمنصات الدفاع الهندية الصنع، مثل نظام «أكاش» للدفاع الجوي، الذي نال تقديراً كبيراً بعد نشره خلال «عملية سيندور»، عندما صدت الهند هجوماً منسقاً بطائرات مسيَّرة وصواريخ من باكستان. من جهته، صرّح تشونغ جا إيان، الأستاذ المشارك في جامعة سنغافورة الوطنية، لشبكة «سي إن إن» بأنه «نظراً إلى أهمية الصين لمجموعة (البريكس)، فإن قرار شي بالتغيب يضر بالقمة... لا شك في ذلك». وأردف أن المجموعة قد لا تكون الآن «الأولوية الكبرى» للرئيس الصيني؛ إذ يركز جلّ اهتمامه على توجيه الاقتصاد المحلي للصين. وتابع أن بكين قد لا تتوقع أي تقدم يُذكر في قمة هذا العام. من جهة ثانية، توقف محللون أمام تهدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية إضافية على أي دولة تدعم السياسات «المعادية لأميركا» في مجموعة «البريكس». ويذكر أن ترمب عبر موقع «تروث سوشيال» كتب: «أي دولة تؤيد سياسات (البريكس) المعادية لأميركا، ستُفرض عليها رسوم جمركية إضافية بنسبة 10 في المائة، ولن تكون هناك استثناءات لهذه السياسة». وعلى هذا الكلام «التهديدي» الصريح، علق الرئيس البرازيلي «لولا» في ختام قمة «البريكس»، قائلاً: «لقد تغيّر العالم. نحن لا نريد إمبراطوراً. هذه (مجموعة البريكس) عبارة عن مجموعة من الدول التي تسعى لإيجاد طريقة أخرى لتنظيم العالم من منظور اقتصادي. أعتقد أن هذا سبب انزعاج الناس من (البريكس)». ولكن، بينما دفع بعض الخبراء بأن مكانة واشنطن، باعتبارها قوة عظمى بارزة، قد انتهت، وأن التحوّل إلى عالم متعدد الأقطاب قد بدأ بالفعل، أثار بعض المحللين السياسيين شكوكاً حول فقدان «البريكس» قيمها الآيديولوجية بسبب توسعها السريع. إذ في خضم هذه العملية، أضعفت المجموعة تماسكها ككيان يقدم بديلاً آيديولوجياً للرأسمالية الغربية. الصين، الآن تقف بحزم إلى جانب روسيا في طرح بدائل للدولار والمؤسسات التي يقودها الغرب. بينما خفف الحذر من جانب أعضاء رئيسين آخرين في «البريكس»، مثل الهند والبرازيل، من التقدم مع إبداء تحفظات بشأن الجوانب العملية والآثار الجيوسياسية. إضافة إلى ذلك، أن البرازيل شددت على ضرورة «تجنب استعداء الشركاء الغربيين». في الوقت عينه، تواصل الهند اتباع نهج استراتيجي حذر، وتتعاون مع «البريكس» بالتوازي مع عملها على تعميق علاقاتها مع الولايات المتحدة و«مجموعة الدول السبع المتقدمة». وأخيراً، ينبّه عدد من المحللين من أن الخلاف داخل «البريكس» قد يزداد عمقاً مع نمو الكتلة، وتنوعها قد يبطئ التوافق ويزيد جهود التقدم تعقيداً.